قم رتل الذكر، واختر خير قيثـار *** فتلك ذكرى رسول اللـه في الغـار
من ذا الذي يقطع البيداء ممتثـلا *** أمر السمـاء؟ ترى من ذلك الساري؟
مستعذب في السُّرَى آلام سفرتـه *** يطـوي الفيافـي شهمًا غير خـوار
وفـي معيتـه مـن غرِّ عصبتـه *** ليث هصـور، وندب خيـر مغـوار
في إثره العرب ثارت وهو في دعة *** بل في خميـس مـن الإيمـان جـرار
والعشب يضحك والكثبان راقصة *** والشوك مـن حوله أضحى كأزهـار
يخبُّ في السير في ليـلاء حالكـة *** وفـي جوانحـه هـالات أقمــار
اللـه أكبر هذا خير من وجـدوا *** في هـذه الأرض، لا تعجـب لأنوار
اللـه أكبـر فـي أنوار شرعته *** وخلفـه زمـر الأشـرار فـي نـار
نـور أبـى الله إلا أن يتممـه *** فكيـف تطـفئـه أفـواه أغـرار؟
آواهما معقـل من نسج واهنـة *** عليــه هـادرةٌ حيَّـتْ بتهـدار
عليه قد نشرت للسلم أجنحـة *** حمامـة السلم حلت خيـر أوكـار
سائل صديق رسول الله منبهـرًا *** مـاذا دعـاه لإيثـار وأخطــار؟
وكيف جاد بما أوتيه من نشـب *** ودون وَكْف يديـه وكـف أمطـار
النفس والمال للرحمـن باعهمـا *** ليشتـري جنــة مـلأى بأنهــار
يبيع دنيا، ويشري خلـد آخـرة *** فكيـف يترك هذا البائـع الشـاري؟
واذكر "عليًّا" بأحضان الردى فرحًا *** يستقبـل المـوت لم يحفـل بفجـار
فليغمدوا السيف ما شاءوا بمهجته *** ما دام ذلك ينجـي صاحـب الـدار
هذي نفوس على الأيام خالـدة *** كـم فـدّت الدعـوة الجُلَّى بأعمـار
هـذي رياحين في التاريخ عاطرة *** كأنهـا الزهــر فـي أدواح "آذار"
هذي سواعد في لأوائها اتحـدت *** فحطمـت كـل جبـار وغــدار
خميلـة الديـن أروتها بوحدتهـا *** فأشبعـت هـذه الدنيــا بأثمـار
وصـدعت دولة الأصنام فارتفعت *** "اللـه أكبـر" فـي عـز وإكبـار
* * * * * * *
آه بني يعرب فـي الأرض قاطبـة *** هـلاّ حفلتــم لأجدادي بآثـار
ماذا أصابكمـو حتـى رأيتكمـو *** على شفا جـرف في ربـوة هـار؟
ألا نكون كمـن قاموا بهجرتهـم *** حتـى نلاقــي تيـارًا بتيــار؟
ألا تآخ كمـا في "يثرب" فعلـوا *** فـلا يقـدم أولادي على جـاري؟
عزمًا كعـزم الأُلَى ضحوا بأنفسهم *** فكـان أن ملكــوا آلاف أمصـار
لا أرتجي منكمو صبرًا كصبرهمـو *** لن تأكلـوا مثلهـم أوراق أشجـار
بل بعض ما احتملوا في المحنة احتملوا *** ما أعـذب الصبر إن تؤمـن بقهـار
هوج الأعاصير إن هبت فلا تهنـوا *** لا تفرقـوا بيـن أنسـام وإعصــار
المصدر: مجلة الوعي الإسلامي, العدد 49, المحرم 1389هـ.
الكاتب: محمد الهادي إسماعيل
المصدر: موقع قصة الإٍسلام